عمر المختار
هو رمز من رموز المقاومة العربية التي أبت الرضوخ لرغبات المحتل ومخططاته، فداء للدين والوطن، غير آبهة بحجم الخصم وآلاته الحربية الجرارة ولا بعامل السن وقلة العتاد والتجربة. إنه ذلك الشيخ المجاهد الذي نقش اسمه على صفحات التاريخ الحربي خاصة وصارت خططه نموذجا يحتدى في مختلف بقاع العالم التي استعرت فيها نيران حروب الظلم والعدوان.
ولد عمر المختار عام 1862م بقرية جنزور الكائنة بالمنطقة التي تقع فيها حاليا مدينة برقة شرق ليبيا، وقد عاش اليتم منذ السنين الأولى من حياته بعد وفاة والده خلال رحلة إلى الحج.
درس عمر المختار القرآن واللغة العربية على يد شيوخ زاوية جنزور، ثم انتقل إلى الجغبوب حيث سيمضي حوالي ثماني سنوات طالب علم لدى كبار المشايخ السنوسيين، كان أبرزهم المهدي السنوسي الذي أعجب به أيما إعجاب. وقد كان ذكاء عمر المختار وأخلاقه العالية محط تقدير وثناء كل من عرفه، فضلا عن تمكنه من فن الخطابة بشكل مبهر. بعد ذلك سيرحل عمر المختار ليستقر في عين كلك حيث عين رئيسا لزاويتها وعكف على تعليم القرآن وتعاليم الشريعة الإسلامية لسكانها قبل أن ينتقل إلى زاوية القصور ليشغل المهام نفسها، وكان ذلك بعد وفاة معلمه محمد المهدي السنوسي عام 1902.
وعندما بدأت حملت إيطاليا على ليبيا منذ عام 1912 بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، سارع عمر المختار وهو في الخمسين من عمره إلى الانخراط في المقاومة المسلحة ضد الإيطاليين حيث لعب دورا بارزا فيها سواء على مستوى التخطيط والتأطير أو المشاركة الفعلية في ميادين الوغى. فتوالت المعارك بين فلول الجيش الإيطالي المجهز بالطائرات وأحدث أنواع السلاح آنذاك وبين جماعات المجاهدين الذين لم تكن أسلحتهم تتعدى البنادق والرشاشات، ركوبهم صهوات الأحصنة وزادهم الإيمان والتقوى. ومن بين أشهر تلك المعارك نذكر معركة يوم الجمعة بدرنة التي قامت يوم 16 ماي/ أيار 1913 وتكبد فيها الإيطاليون خسائر فادحة تراوحت ما بين 10 ضباط و60 جنديا لقوا مصرعهم، إضافة إلى 400 آخرين بين مفقود وجريح وكمية مهمة من الأسلحة والذخيرة تركها الإيطاليون وراءهم مكرهين.
وبعد سلسلة طويلة من المعارك التي أتقن فيها القائد عمر المختار أسلوب الكر والفر وأكسبته تعاضد حب الليبيين واحترام كثير من غرمائه الإيطاليين بعد كل الذي صنعه بهم، أتت معركة بئر قندولة التي استمرت ليومين وانتهت بأسر شيخ المجاهدين الذي تم اقتياده مباشرة إلى مدينة بنغازي التي وصلها يوم 14 شتنبر/ أيلول سنة 1931 تمهيدا لمحاكمته.
وغداة المحكمة الصورية التي أقامها أزلام موسوليني للمجاهد الأبي عمر المختار يوم 15 شتنبر 1931، أعدم الشيخ المجاهد شنقا وسط مدينة سلوق تحت أنظار حشود من المواطنين الليبيين، ليكتب اسمه بمداد من عزة على صفحات تاريخ المقاومة الإنسانية ضد الظلم والاستكبار.
تاريخ الميلاد :1862م
تاريخ الاستشهاد : 15-09-1931م