السادس من أكتوبر 73
ارتبط اسم السادات بهذا النصر الهائل الذي حققه لمصر والذي كان مفاجأة وصفعة قاسية وقاضية على وجه المحتل الإسرائيلي، فقد تمكنت مصر بقيادة السادات من استعادة شبه جزيرة سيناء وإعادة فتح قناة السويس، وقد كان لهذا النصر الفضل في تمهيد الطريق لاتفاقية السلام التي أعقبت النصر.
وفي التاسع من نوفمبر 1977م أعلن السادات أمام مجلس الشعب المصري في واحدة من الخطابات الهامة التي ألقاها هذا الخطاب الذي تابعه العالم كله وكان من ضمن ما جاء فيه وقاله السادات:
"إنني على استعداد حتى للذهاب إلى آخر نقطة في العالم، سعياً إلى السلام العادل ومن أجل أن لا يقتل أو يجرح أي من أبنائي الضباط والجنود، بل إنني على استعداد حتى للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي، لأننا لا نخشى السلام ولأننا أيضاً لا نخشى المجابهة مع إسرائيل، ولأن عناصر القوة في الموقف العربي تزيد كثيراً عن عناصر القوة في الموقف الإسرائيلي، ولأننا على دراية كاملة بأساليب خصمنا في المناورات، ولأننا أولاً وأخيراً نستند إلى موقف صلب من التضامن العربي".
وقد جاء موقف السادات هذا كالقنبلة التي ألقت في وجه العالم ككل، فلم يكن أحد متوقع أن يقدم السادات على مثل هذه الخطوة، وقُوبلت مبادرته هذه بالكثير من المعارضة من الدول العربية، وتوقف العالم كثيراً أمامها، أما إسرائيل فقد ظنت أن كلام السادات ما هو إلا وسيلة للدعاية والاستهلاك المحلي، وسارعت بدعوته إلى القدس من أجل إحراجه وإثبات أن كلامه ما هو إلا وليد حماسة وقتية واستهلاك محلي.
الرفض العربي لموقف السادات
وقد ترتب على هذا الموقف الحازم الذي قام به السادات الكثير من المعارضة من الدول العربية التي قاطعت مصر، وعلقت عضويتها بالجامعة العربية، وتم نقل المقر الدائم للجامعة من القاهرة إلى العاصمة التونسية" تونس"، وقد سعى السادات من إفشاء السلام واسترجاع الأراضي ليست المصرية فحسب ولكن الفلسطينية والسورية أيضاً فدعا كل من الرئيس السوري حافظ الأسد والفلسطيني ياسر عرفات للمشاركة بالمفاوضات واسترجاع الأراضي المحتلة وأن يتم استثمار النصر الذي حققه المصريون بأكتوبر، إلا أنهم قابلوا هذا الموقف بالرفض وتم اتهامه بالخيانة والعمالة.
رجل الحرب والسلام
جاء قرار السادات بالذهاب فعلياً إلى مقر الكينست الإسرائيلي ليقضي على كل الكلام الذي أثارته إسرائيل ومبرهناً إلى انه لا يقدم على كلام أو خطوة ما إلا وقد أخذت منه الكثير من الدراسة والتفكير، وقد جاء قرار السادات بالذهاب إلى الكنيست على الرغم من الموقف العربي المعارض بشدة لهذا القرار، وبتغطية إعلامية كبيرة على مستوى العالم ككل والذي وقف ليشهد على هذا الحدث التاريخي.
بعد سلسلة من المفاوضات تم توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1978م، وقد وقع الاتفاقية السادات من الجانب المصري، مناحم بيجين رئيس الوزراء الإسرائيلي، جيمي كارتر من الولايات المتحدة الأمريكية وكانت أولى النتائج المترتبة على الاتفاقية عودة العريش وثلثي أراضي سيناء إلى الأراضي المصرية عام 1980م.
تم اختيار الرئيس المصري محمد أنور السادات ليتم منحه جائزة نوبل للسلام وذلك نظراً لجهوده في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وذلك عام 1978م، مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين.
معارضة
جاءت بعض القرارات التي اتخذها السادات أثناء فترة حكمه لتقلب عليه الكثير من الأشخاص والتي يعد من أقواها حملة الاعتقالات التي شهدها يوم الخامس من سبتمبر عام 1981، والتي تم فيها حصد العديد من رجال الدين والفكر والسياسة والذين تجاوز عددهم الألف والخمسمائة من المصريين، واللذين يمثلون الفئات المعارضة للحكومة وسياستها، هذه الاعتقالات التي بررها السادات حينها بعدم إعطاء إسرائيل فرصة للتنصل من تعهداتها بالانسحاب من سيناء بناء على ما قاله مناحم بيجين له " كيف نضمن استمرار مصر في الالتزام بالسلام معنا بينما هناك معارضة شديدة له ؟ " ، وقد كان في نيته إخراج هذه المجموعات المعتقلة من السجن عقب تنفيذ إسرائيل وعدها بالانسحاب.
وقد شملت الاعتقالات العديد من الطلبة الشباب، وأعضاء الجماعات الدينية، ورجال السياسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية مسلمين ومسيحيين، وأساتذة الجماعات ورؤساء الأحزاب، وعدد من الوزراء السابقين، وقد أحدث هذا القرار القاسي من السادات وقتها الكثير من السخط والبلبلة والغضب في الأجواء المصرية، وجاءت أحداث الخامس من سبتمبر قبل اغتيال السادات بشهر.
الاغتيال
شاء القدر أن يكون يوم الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر هو نفس اليوم الذي يفارق فيه السادات الحياة، فأثناء الاحتفال بذكرى السادس من أكتوبر عام 1981 وأثناء العرض العسكري في الاحتفال قامت جماعة خالد الإسلامبولي – ضابط بالجيش المصري- وآخرون بإطلاق النار على السادات وهو جالس على المنصة، لتنطلق الرصاصات الغادرة حاصدة روح الرئيس والشهيد محمد أنور السادات، وتنهي حياة رجل سعى من أجل السلام وتمكن من صنعه، وكان شقيق خالد الإسلامبولي محمد من ضمن الجماعات التي تم اعتقالها في سبتمبر بسبب اتصاله بالجماعات الدينية بأسيوط وعبود الزمر القيادي البارز في تنظيم الجهاد.
وبذلك ارتبط اسم السادات بتاريخ السادس من أكتوبر مرتين مرة عندما حقق النصر لمصر، والمرة الثانية عند وفاته.
لمحات من حياة السادات
قام السادات بتأليف عدد من الكتب يأتي في مقدمتها كتاب " البحث عن الذات" والذي يعد من أشهر كتبه، وكتب أخرى مثل وصيتي، قصة الوحدة العربية، القصة الكاملة للثورة، الصفحات المجهولة للثورة، يا ولدى هذا عمك جمال، ثورة على النيل.
تزوج السادات مرتين المرة الأولى من السيدة إقبال ماضي وأنجب منها ثلاث بنات هم رقيه, راوية, كاميليا، ثم وقع الطلاق بينهما، والمرة الثانية في 29 مايو 1949 تزوج من السيدة جيهان رؤوف صفوت – جيهان السادات- وأنجب منها ثلاث بنات وولد هم لبنى ونهى وجيهان وجمال.