تعتبر مدينة أريحا واحة خضراء في منطقة غور الأردن، تقع على بعد 7 كم غربي نهر الأردن و 10 كم شمال البحر الميت و 30 كم إلى الشرق من بيت المقدس وتنخفض مدينة أريحا حوالي 250 كم عن سطح البحر، لذلك تعتبر المدينة أخفض مدينة في العالم.
اسم أريحا أصله سامي وعند الكنعانيين تعني مدينة القمر، وتعني كلمة أريحا بالسريانية الرائحة والأريج، كذلك أطلق على المدينة اسم مدينة النخيل وحديقة السماء.
تعتبر مدينة أريحا أقدم مدينة في العالم فالآثار الخاصة بأقدم حضارة اكتشفت في أريحا تعود إلى عشرة آلاف سنة، توجد هنالك العديد من الأماكن التاريخية الجميلة للزيارة في أريحا مثل أريحا القديمة ونهر الأردن حيث عمّد السيد المسيح، كذلك هنالك جبل التجربة، قصر هشام، عين السلطان ( نبع اليشا )، شجرة زكا ( الجميز )، دير سان جورج ( وادي القلط )، قصر هيرودوس الشتوي، دير حجلة، كهوف قمران، البحر الميت، والكثير الكثير من المناطق الرائعة.
طقس المدينة الجميل يجذب الكثير من السياح إن كانوا محليين أو من خارج الوطن، فمعدل درجات الحرارة في يناير هو 8.5 درجة وأقل معدل سنوي لدرجات الحرارة هو 17 درجة مئوية، معدل درجات الحرارة السنوي هو 23.5 درجة، وأعلى معدل سنوي لدرجات الحرارة هو 30.5 درجة ، معدل تساقط الأمطار ( 150 ) ملم ومعدل الرطوبة 52%، معدل تساقط الأمطار في مدينة أريحا هو أقل منه في الجبال المحيطة والمناطق الساحلية لذلك فإن مدينة أريحا تعتمد بالكامل على آبار ارتوازية لسد احتياجاتها من مياه الشرب والري مثل نبع عين السلطان، مصدر المياه في هذا النبع يأتي من الجبال البعيدة ويعتبر المصدر الرئيسي لمياه الزراعة، تبلغ نسبة المياه الصادرة منه حوالي 680 كيلو متر مكعب في الساعة وتبلغ نسبة الملوحة 600 جزء في كل مليون جزء، وهو يعتبر مصدراً ثابتاً للمياه طوال السنة، وتستعمل المياه فيه للري والشرب على حد سواء.
بالإضافة إلى مواقعها السياحية، تعتبر أريحا منطقة مهمة للزراعة فهي مشهورة في زارعة الحمضيات والتمور والموز والورود والخضراوات الشتوية.
تبلغ المنطقة الخاضعة لحدود البلدية 45 كيلو متر مربع وعدد السكان في المدينة يبلغ 17000 نسمة وإذا أضفنا عدد السكان في مخيمات اللاجئين المجاورة فإن العدد يرتفع إلى 25000 نسمة.
الموقع والتسمية
تقع مدينة أريحا في الطرف الغربي لغور الأردن أو ما يعرف بغور أريحا، وهي أقرب للحافة الجبلية لوادي الأردن الانهدامي، منها إلى نهر الأردن، تقع عند خط الانقطاع بين البيئة الجبلية إلى الغرب والبيئة الغورية في الشرق، وهي بذلك نقطة عبور هامة منذ القدم للقوافل التجارية والغزوات الحربية التي كانت تتجه غرباً نحو القدس وشرقاً نحو عمان، وهي أيضا الممر الغربي لنهر الأردن والبحر الميت، يمر منها الحجاج المسيحيون القادمون من القدس في طريقهم إلى نهر الأردن والبحر الميت، من جهة أخرى، كانت أريحا البوابة الشرقية لفلسطين، عبرتها كثير من الجماعات البشرية المهاجرة إلى فلسطين على مدى العصور، وتنخفض عن سطح البحر نحو 276 م .
ويصفها البغدادي في معجم البلدان فقال : أريحا بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة والحاء المهملة أو بالحاء المعجمة، وهي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن والشام، سميت بأريحا نسبة إلى أريحا بن مالك بن أرنخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وهذا يدل على أن أصل التسمية سامي الأصل .
وأريحا عند الكنعانيين تعني القمر، وقد عرفها العرب بأريحاء، وأريحا، وأطلق عليها أيضا مدينة وادي الصيصان، وسميت بهذا الاسم لأنه يكثر فيها هذا النوع من الشجر الذي يلتف كسياج حول بساتينها ولا يزال فيها إلى اليوم .
وسميت كذلك بتل السلطان أو عين اليشع، لأن أريحا القديمة لم تكن سوى تل صناعي صغير يدعى تل السلطان وهو أصل المدينة الأولى .
اريحا عبر التاريخ :
يعتبر الخبراء الأثريون أن مدينة أريحا هي من أقدم مدن فلسطين إذ يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم أي نحو 7000 سنة قبل الميلاد بل يذهب البعض منهم إلى أنها اقدم مدينة في العالم قائمة حتى اليوم.
وقد حدد الخبراء موقع أطلالها عند تل السلطان الذي يقع على بعد 2 كيلو متر شمالي المدينة الحالية بالقرب من نبع عين السلطان.
هاجمها الهكسوس فيما بين 1750 –1600 ق. م واتخذها قاعدة له، وكانت أول مدينة كنعانية تهاجم من قبل بني إسرائيل على يد يوشع بن نون سنة 1188 ق.م، واحرقوا المدينة وأهلكوا من فيها، ثم قام المؤابيين بإخراج اليهود سنة 1170 – 1030 ق.م بقيادة الملك عجلون .
ازدهرت أريحا في عهد الرومان ويظهر ذلك في آثار الاقنية التي اكتشفوها والتي تظهر في وادي نهر القلط .
وفي عهد المسيح عليه السلام ازدادت شهرة المدينة، حيث زارها المسيح عليه السلام كما زارها النبي زكريا عليه السلام .
ويرجع الفضل إلى الرومان في تعمير المدينة وازدهارها، ففي عهد قسطنطين الكبير 306 – 327 م انتشرت المسيحية في أريحا وأقيمت في ضواحيها الأديرة والكنائس وأصبحت مركزاً لأسقفية، وكذلك ازدهرت في عهد البيزنطيين وتقدمت حتى دخلت تحت حكم العرب المسلمين في القرن السابع الميلادي وأصبحت تابعة للرملة مركز جند فلسطين .
وقد أصبحت في صدر الإسلام أهم مدينة زراعية في الغور، حيث انتشرت فيها زراعة النخيل وقصب السكر والموز وغيرها.
ثم خضعت أريحا لحكم الصليبيين بعد أن غزوا فلسطين، وأصبحت مركزاً للجيش الملكي الصليبي بقيادة ريموند الذي غادرها بجيشه بعد أن سمع بقدوم الأيوبيين بقيادة صلاح الدين الأيوبي، حيث جعلوها جسراً لهم في فلسطين للاتصال بقواتهم وولاتهم في الشام .
ثم خضعت للحكم الملوكي، و أصبحت جزءاً من مملكة دمشق، وفي أثناء الحكم العثماني أصبحت أريحا ناحية بعد أن كانت قرية، ويقيم فيها حاكم يدعى المدير، ثم أصبحت قضاء في عهد الانتداب البريطاني، وكانت مركزاً للقضاء حتى عام 1944 إلى أن ألغته سلطات الانتداب البريطاني و ألحقته بقضاء القدس، وفي عام 1965 عادت مركزاً للقضاء واستمرت كذلك إلى أن احتلها الصهاينة عام 1967.
السكان والنشاط الاقتصادي:
تزايد عدد سكان أريحا بشكل تدريجي قبل عام 1948 ، حيث ارتفع من 300 نسمة عام 1912 إلى 1039 عام 1922م ثم إلى 1693 عام 1931 ، ثم ارتفع عددهم إلى 3010 عام 1945 ثم إلى 10166 نسمة عام 1961 ثم إلى 15000 عام 1978 وحسب إحصاء عام 1992 بلغ عدد السكان في مدينة أريحا بما فيها مخيمات اللاجئين إلى 20795 نسمة .
وقد مارس سكان مدينة أريحا العديد من الأنشطة منها:
الزراعة:
وقد عرفت أريحا منذ القدم بغزارة مياهها وخصوبة تربتها وقد حافظت أريحا على شهرتها الزراعية منذ أقدم الأزمنة، حيث زادت المساحة المزروعة ومن أهم المزروعات الحبوب المختلفة كالقمح والشعير والذرة والسمسم، كما تزرع فيها الأشجار المثمرة كالحمضيات والموز والزيتون والعنب والنخيل، بالإضافة إلى بعض المحاصيل الأخرى، كالتبغ وهناك فائض في الإنتاج الزراعي يصل إلى مدن الضفة الغربية الأخرى وكذلك يصدر إلى الأردن .
االتعدين والصناعة :
عرفت أريحا الصناعة منذ القدم مثل صناعة السلال والحياكة والحصر والحراب والنبل المزودة برؤوس الصوان والفؤوس والخزف وغيرها، أما في العصر الحالي فهناك صناعة الفخار ، الحصر ، النسيج ، المياه الغازية ، الكراسي ، تخمير الموز ، الخيام.
كما ازدهرت صناعة استخراج المعادن والأملاح من البحر الميت مثل:
كلوريد البوتاسيوم و الصوديوم والماغنيزيوم والكالسيوم والرومين، وتوجد في البحر الميت كميات هائلة من هذه المواد تقدر بملايين الأطنان.
السياحة :
تتمتع أريحا بخصائص سياحية فهي تمتاز بشتائها الدافئ، حيث الشمس الساطعة والسماء الصافية والجو الرطب، كما تمتاز بكثرة فواكهها و أشجارها، وفيها خمس منتزهات وسبع فنادق إحداهما على البحر الميت، بالإضافة إلى البحر الميت الذي يعتبر اشد بحار العالم ملوحة ويمكن الاستحمام فيه بأمان، حيث لا توجد فيه أمواج أو حيوانات مائية مفترسة.
النشاط الثقافي في مدينة اريحا:
1. التعليم : كان التعليم في مدينة أريحا مقتصراً على الأديرة والكنائس حتى الانتداب البريطاني، حيث أنشأت مدرستان إحداهما للبنين وأخرى للبنات، وفي عام 1967 بلغ عدد المدارس 26 مدرسة منها 4 مدارس ثانوية و 8 مدارس إعدادية و أربعة عشر مدرسة ابتدائية، كما يوجد هناك مدرسة صناعية تابعة للتعليم المهني، بالإضافة إلى مدرستين صناعيتين أخريين للشبان المسيحيين، وهناك مدارس للتعليم المهني مثل المعهد الشعبي لتعليم الطباعة ومدارس تعليم السواقة، وقد زادت الحركة الثقافية في أريحا بعد إنشاء مكتبة بلدية أريحا حيث تضم 16 ألف كتاب .
2. النوادي : ويوجد في أريحا عدة أندية وهي:
أ. النادي الرياضي الثقافي: الذي افتتح عام 1951 بعد محاولات سابقة لانشاء نادي لم يكتب لها النجاح، وقد أغلق بعد أن اعتقل رئيسه بتهمة سياسية .
ب. نادي ترسنطة: وهو خاص بالشباب المسيحيين الآن معطل .
3. الجمعيات : وهناك عدد من الجمعيات منها :
أ . جمعية الشابات المسيحيات وهي تابعة لمنظمة عالمية بهذا الاسم، ويمكن للمسلمات الانتساب لهذه الجمعية، وتقوم هذه الجمعية بأنشطة مختلفة مثل المحاضرات لربات البيوت وتعليم الخياطة، وهناك نشاط رياضي محدود .
ب. جمعية الشبان المسيحية في عقبة جبر ويتبعها مدرسة للتعليم المني، تضم عدداً من المعلمين والطلاب لتعليم النجارة والتنجيد والجلد والدهان، ومدة كل دورة منها ثلاث سنوات.
ت. جمعية البر بالشهداء وفيها مدرسة للتعليم المهني أيضاً، أنشأت عام 1952 لتعليم الحدادة والدهان والخياطة والتنجيد والغسيل والكي .